الأربعاء، 19 نوفمبر 2008

لا لم تمت بعد(18/11/2006)






وترجَّل الداعية المجاهد.. الصابر المحتسب.. الخلوق القدوة.. الأستاذ الدكتور حسن الحيوان، والذي لا تكفي ملايين الكلمات لنعيه ولا لذكر مآثره ومناقبه، ولكنها شهادةٌ لله، وهي أقل ما يمكن أن نقدمه له وهو في دار الحق ونحن في دار الغرور.
وما كنا لنتحدث عنه- رحمه الله- في حياته، ولكن بعد وفاته أصبح من حقِّه ومن حقِّ الأمة والأجيال القادمة أن نتحدث عنه بما يرضي الله عنا، فإن العيون لا تبكي دموعًا على فراقه، ولكن القلوب تبكي دمًا؛ كمدًا وحزنًا على فراقه ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا "إنا لله وإنا إليه راجعون"!!
لقد ضرب الدكتور حسن الحيوان- يرحمه الله- مثالاً رائعًا في حياته (القصيرة وقتًا والكبيرة عطاءً) لنموذجَين يندُر تواجدُهما في عصرنا هذا، أولاً الداعية الذي يعطي من نفسه القدوة الصالحة قولاً وعملاً، سلوكًَا وتطبيقًا، وما احتكَّ به وتعامَل معه أحدٌ إلا وشعر بصدقه وإخلاصه وتفانيه وتجميعه للقلوب قبل الأجساد على كلمة الحق وعلى ثوابت الإسلام والبُعد عن مناطق الخلاف والاختلاف، وتعاليه وتعاظمه على سفاسف الأمور وتفاهاتها.
فقد كان- يرحمه الله- يُنير الطريق لكل من يحتكُّ به ويتعامل معه ولا يبخل عليه بالنصيحة والتوجيه بأسلوبٍ راقٍ يذكِّرنا بدعاة الجيل الأول من الإسلام، فقد عرفناه وتتلمذنا على يديه، داعيًا فريدًا، وأخًا كبيرًا، وناصحًا أمينًا، يدعو كل من يحتكُّ ويتعاملُ معه أن يكون مثلَه في أدبه وخلقه وتواضعه وعلمه وثقافته الكبيرة وبذله وتضحيته في سبيل دينه ودعوتهكما ضرب- رحمه الله- المثلَ والقدوةَ في شخصية المجاهد الصابر والمحتسب، ولقد تعرَّض لكثير من المِحَن والابتلاءات فما لانت له قناةٌ، وما تنازل وما ترخَّص، وظلَّ صابرًا حتى يوم وفاته، عاملاً لدعوته بكل ما أوتي من قوة ونشاط رغم كل الظروف التي مرت به.

ولعل من عاجل بشرى المؤمن- ولا نزكيه على الله- حبّ الناس (إخوانًا وغيرَ إخوان) له، وذِكرهم لمناقبه وحسناته وفضائله، فعندما مرَّت جنازتان على النبي- صلى الله عليه وسلم- فأثنى الصحابةُ على الأولى خيرًا فقال "وجبت"، وأثنوا على الثانية شرًّا فقال "وجبت" وعندما استفسر الصحابة منه- صلى الله عليه وسلم- قال: "أثنيتم على الأولى خيرًا فوجبت لها الجنة وأثنيتم على الثانية شرًّا فوجبت لها النار"، وكما يقال إن ألسنة الخلق أقلام الحق، ولا نشهد إلا بما علمنا عنه من كل خير.
ومن المبشِّرات أن يخرج من معتقله قبل وفاته بيومين، وكأن الله يصنعه على عينه ليَخرج نظيفًا طاهرًا من الدنيا وآخر عمله بها ثباتٌ على طريق الدعوة، والبذل من نفسه والتضحية بجاهه وراحتهوفي النهاية.. أستاذَنا وأخانا الأكبر.. نَم قريرَ العين، فلقد بذلت الجهدَ والعرَقَ والصحةَ والمالَ في سبيل الله، وإن أحبابك وتلامذتك سائرون على الطريق- بإذن الله- غير مبدّلين ولا مفرّطين ولا مترخّصين، ولك بعملهم أجرٌ إن شاء الله، وندعو الله أن نلتقيَ وإياك في مستقرِّ رحمته.. آمين.
-------------

ليست هناك تعليقات: